من هو يوجين ساندو؟

وُلد يوجين ساندو عام 1867 في بروسيا (ألمانيا الحالية). في شبابه انبهر بالتماثيل اليونانية والرومانية اللي كانت بتجسّد مفهوم
الجسد المثالي؛ نسب ذهبية، تناسق بين الصدر والكتفين والذراعين والخصر والساقين. الفكرة دي سيطرت عليه لحد ما بدأت رحلته
كمؤدي قوي على مسارح السيرك في أوروبا. لكن ساندو ما اكتفاش بحمل الأوزان وتحطيم الأرقام، هو حاول يجسّد الشكل الجمالي للعضلات
بنفس دقة النحّاتين الكلاسيكيين.

من هنا ظهرت بصمته: كان يقف على المسرح، ياخد أوضاع ثابتة مدروسة (زي البوزينج الحالي)، ويخلّي الجمهور يشوف العضلات كعمل فني،
مش مجرد استعراض للقوة. اتشهرت عروضه بسرعة، وبدأ اسمه يلمع في بريطانيا وخارجها، لدرجة إنه بقى رمز للنمط الجديد: قوة + فن.

ثورة ساندو: من القوة إلى الجمال

قبل ساندو كانت عروض القوة بتتركّز على كسر سلاسل أو رفع أوزان غريبة الشكل. ساندو أضاف معيار جديد: التناسق.
بدأ يشرح للناس إن العضلات الجميلة مش مجرد حجم، لكن نِسب وتوازن وتناغم. الفلسفة دي انعكست على تدريبه وعلى كتبه ومحاضراته، وأثّرت لاحقًا
على كل جيل جه بعده.

في التسعينيات من القرن التاسع عشر، ظهر لساندو واحد من أقدم المقاطع المصوّرة لاستعراض عضلي، وده كان حدثًا مهمًا لأنه وثّق التحوّل من عروض القوة العشوائية
إلى العرض الفني المقصود، اللي بنشوفه النهاردة في مسارح البطولات.

كتب، صالات، ومناهج تدريب

ما كانش ساندو مجرد مؤدي. أصدر كتبًا تدريبية مبكرة تشرح مبادئ القوة والتحمل وبناء العضلات، وأسس صالات جيم في بريطانيا.
اتبنت صالاته على فلسفة إن أي شخص يقدر يطوّر جسمه تدريجيًا بخطة وتمارين وأسلوب حياة منظّم. انتشرت أفكاره بين الطبقة الوسطى،
واتحوّل التدريب بالأوزان من “شيء غريب” إلى عادة صحية عند جمهور أكبر.

كانت رسالته بسيطة: قوة محسوبة + مظهر متناسق + صحة أفضل. وهنا اتربط اسم ساندو لأول مرة بمفهوم “نموذج الجسد المثالي”.

أول بطولة كمال أجسام كبرى (1901)

عام 1901 نظّم ساندو مسابقة ضخمة في رويال ألبرت هول – لندن عُرفت باسم The Great Competition.
للمرة الأولى كان في حدث رسمي يقيّم المتسابقين على أساس التناسق والجمال والوقفة إلى جانب القوة.
لجنة التحكيم ضمّت أسماء بارزة من المجتمع، والجمهور كان بالآلاف. وبهذا الحدث اتنقلت كمال الأجسام من الهواية الاستعراضية إلى
نواة رياضة لها معايير.

فكرة التحكيم على “المظهر المثالي” مش بس قوة العضلة ولكن كيف تُعرض، صارت حجر الأساس لكل البطولات اللي ظهرت لاحقًا في أوروبا وأمريكا.
من هنا، بدأنا نسمع عن بطولات للهواة والمحترفين، وتدرّجت اللعبة لحد ما وصلت إلى عرشها: مستر أولمبيا.

تمثال الساندو وكأس مستر أولمبيا

مع تطور اللعبة، تأسست لاحقًا بطولات المحترفين، وعلى رأسها بطولة Mr. Olympia.
الرمز الرسمي لجائزة البطل هو تمثال “الساندو”، تمثال صغير يحمل ملامح نفس الوضعيات الكلاسيكية التي اشتهر بها يوجين ساندو.
وجود التمثال ككأس للتتويج بيختصر الرسالة: “هذه الرياضة بدأت كفن للتناسق والجمال”.

أي صورة حديثة لبطل أولمبيا وهو شايل كأس الساندو بتربط الماضي بالحاضر: من منصة 1901 إلى أكبر مسرح احترافي في العالم.

إرثٌ مستمر وتأثير عالمي

إرث ساندو أكبر من كونه أول مَن قدّم عروض استعراضية بشكل فني. هو اللي رسّخ قاعدة إن كمال الأجسام منهج:
تخطيط تدريبي، تغذية، راحة، وانتظام؛ وثقافة بتحتفل بالمثابرة والانضباط؛ وفن بيراعي التناغم بين أجزاء الجسم.
القاعدة دي هي اللي خلت اللعبة تتوسع في الخمسينيات والستينيات، وتدخل “العصر الذهبي” في السبعينيات مع نجوم زي أرنولد شوارزنيجر،
قبل ما نشوف المراحل الحديثة التي تجمع بين الضخامة الخارقة والتقسيم العالي.

النهارده، لما بنتكلم عن “معايير التحكيم” أو “الوقفة الصحيحة” أو “نِسب مثالية”، إحنا بنردد – بشكل مباشر أو غير مباشر – أفكار ساندو.
كل بطولة، وكل منصة تتويج يظهر عليها تمثال الساندو، هي شهادة إن البداية كانت فنًا قبل أن تكون أرقامًا.

خلاصة

بداية تاريخ كمال الأجسام مش مجرد حكاية قديمة؛ هي المفتاح لفهم اللي بنشوفه على المسرح اليوم.
بفضل يوجين ساندو، صار عندنا رياضة لها روح فنية وقواعد واضحة، وجمهور ينتظر الكمال في التناسق قبل أي شيء.
في الأجزاء القادمة من سلسلة تاريخ كمال الأجسام على Arab Flex، هنكمل من 1901 وهنحكي عن انتشار البطولات،
وبعدين ندخل على مستر أولمبيا، ونوثّق سير أساطير اللعبة من أرنولد لحد بيج رامي.