العلاقة بين التغذية والنشاط الرياضى
بذل مجهود رياضى معين يزيد من إستهلاك الطاقة المخزونة فى جسم الإنسان ، وهذا الإستهلاك يتوقف بالطبع على طبيعة وشدة ودوام هذا النشاط الرياضى ، وكلما إمتدت الفترة الزمنية للأداء وزادت شدته كلما إرتفعت نسبة إستهلاك الطاقة ، وبالتالى يجب تعويض الجسم عن هذه الطاقة المستهلكة عن طريق الغذاء الذى هو مصدر هذه الطاقة.
وتأتى أهمية الغذاء فى الإرتفاع بمستوى الأداء الرياضى بالدرجة الأولى ، فقد ثبت أهمية الغذاء فى زيادة القوة العضلية وزيادة التحمل العضلى ، خاصة فى الرياضات التى تتصف بطول الفترة الزمنية مثل ألعاب المضمار والتى ترفع من حرارة الجسم وبالتالى إستهلاك الطاقة بنسبة عالية ، ويستمر إستهلاك الجسم وخاصة للطاقة حتى بعد الإنتهاء من النشاط الرياضى لمدة تتراوح ما بين 20 – 30 دقيقة.
وإختيار الغذاء المناسب لكل نوع من الأنشطة الرياضية يلعب دوراً هاماً وأساسياً فى مدى النجاح والإستمرار فى هذه الأنشطة ، وليست كمية الطعام كما كان يعتقد فى السابق ، فأهم ما يجب أن يهتم به الشخص الممارس للنشاط الرياضى هو نوعية هذا الطعام وما يحتويه من عناصر غذائية مولده للطاقة.
والرياضات المرتفعة الشدة والتى يبذل فيها مجهود بدنى عنيف تعتمد بشكل رئيسى على العضلات ، ولهذا يجب الإهتمام مثلاً بتوفير كميات مناسبة من البروتين والتى هى أساس تكوين العضلات ، والنقص فى بعض العناصر الغذائية مثل الكربوهيدرات والماء يؤدى حتماً إلى نقص الطاقة وبالتالى التأثير سلبياً على الأداء الرياضى ، ويتضح ذلك بصورة ملفتة فى لاعبى المضمار والمسافات الطويلة التى تحتاج إلى درجة عالية من العمل وإستمرار تدفق الطاقة ، كما أن الجسم يعتمد على الدهون المخزونة فى الجسم كطاقة فى هذه الرياضات.
وجد من نتائج الأبحاث العلمية فى مجال الغذاء والنشاط الرياضى أن الأفراد الذين يتميزون بقلة النشاط الرياضى أو عدمه ثم يبدأون فى ممارسة بعض الأنشطة بشكل منتظم لا تزيد كمية الطعام التى يتناولوها عادة نتيجة لهذه الزيادة فى الحركة والنشاط ، وقد وجد فى بعض الحالات التى درست أن كمية الطعام المتناولة قد قلت عن ذى قبل. وأما بالنسبة لهؤلاء الأفراد الذين يمارسون الأنشطة الرياضية المنتظمة فقد وجد أن قابليتهم لتناول الطعام وأيضاً كمية الطعام المستهلكة لم تنخفض بدرجة كبيرة مع إنخفاض معدل النشاط الرياضى الذى إعتادوا عليه.
وهذا يعنى أن الفرد الذى يتميز بالنشاط والحركة بصورة منتظمة ثم يتوقف هذا النشاط أو يقل لدرجة كبيرة بسبب الإصابة أو أية أسباب أخرى ، فإن الإقبال على تناول الغذاء يبقى على ما هو عليه قبل التوقف ، وهذا يتعدى ما يحتاجه الجسم فى هذه الحالة ، وقد يحدث نتيجة لذلك زيادة فى الوزن وإرتفاع فى نسبة الدهون فى الجسم ، ولهذا يجب التقليل من كمية إستهلاك الطعام عند التقليل من معدل الجهد البدنى حتى يكون هناك توازن ما بين ما يدخل الجسم من طاقة وما يخرج منها.
إن أحد التغييرات الفسيولوجية التى تطرأ على الجسم كنتيجة لممارسة النشاط الرياضى المنتظم هو إرتفاع درجة حرارة الجسم أثناء التدريب الرياضى ، وهذا يؤدى بدوره إلى إثارة الجسم لزيادة إفرازات عدة هرمونات منها هرمون الأدرينالين والذى يقوم بكبح الشهية للطعام وبالتالى التقليل من كمية الطعام المستهلكة.
وقد أظهرت نتائج ثلاثة دراسات أن ممارسة النشاط الرياضى لمدة لا تقل عن ثلاثون دقيقة قبل موعد وجبة الطعام بعشرين دقيقة يحد بشكل ملحوظ من كمية الطعام المستهلكة عادة فى هذه الوجبة.
وبناء على ما سبق ، يتضح لنا أنه هناك علاقة مباشرة ووثيقة ما بين التغذية والنشاط الرياضى ، ولذا لا يجب أن نغفل هذه العلاقة فى التخطيط والإعداد لجميع الرياضيين سواء كانوا تلاميذ مدارس أو لاعبى أندية أو أفراد عاديين يمارسون الأنشطة الرياضية لإكتساب اللياقة البدنية والمحافظة عليها.
ومن الحقائق التى يجب أن تعرف فى هذا المجال ، أن الغذاء الذى يجب أن يركزعليه الفرد الذى يمارس النشاط الرياضى يجب أن يكون متوازناً ويقابل إحتياجاته من الطاقة التى يحتاجها الجسم ، وأن الكربوهيدرات التى تخزن فى الجسم على شكل جلايكوجين هى المصدر الرئيسى لرياضات الجلد والتحمل مثل الجرى لمسافات طويلة ، وإن إنخفاض معدل الجيلايكوجين المخزون فى الكبد والعضلات سوف يؤدى إلى إنخفاض مستوى النشاط البدنى المبذول ، وفى حالة أداء التدريبات الخاصة بالقوة العضلية أو التحمل العضلى لرفع الأثقال مثلاً فإن مراعاة زيادة الكمية المستهلكة من البروتين سوف يساعد على تنمية القوة العضلية والتحمل العضلى ، مما سوف يساعد الجسم على عدم إصابته بفقر الدم والمعروف بالأنيميا.
ومن ناحية أخرى يجب عدم تناول كمية كبيرة من الدهون خاصة فى حالة نقص الكمية المستهلكة من الكربوهيدرات ، لأن ذلك سيؤدى بالرياضيين إلى الإصابة بإرتفاع إنتاج الأحماض السامة والتى بدورها تؤدى إلي إضعاف الجسم عند مقاومته للمواد العالية الحموضة والتى هى نتاج عملية التمثيل الغذائى فى العضلات ، وهذه العلمية تعجل من حدوث حالة التعب وتسمى هذه المادة المسببة للتعب بحامض اللاكتيك ، كما يجب على الرياضيين الإهتمام بالفيتامينات بصفة عامة ليس كمصدر للطاقة لأنها لا تمنح أى طاقة تذكر ، ولكن لأهميتها فى العمل الفسيولوجى للجسم أثناء النشاط الرياضى ، وهذا ينطبق على الأملاح المعدنية أيضاً فكل من الفوسفور والكالسيوم ضروريان للعظام وإعادة بناء الأنسجة العظمية التالفة ، كما أن الصوديوم والكلور والكالسيوم يلعبون دور هام فى تفادى تقلص العضلات أثناء المجهود الرياضى.
وبهذا نرى أن للغذاء دور رئيسى يلعبه فى مجال الرياضة والتربية البدنية ، ويجب على الذين يمارسون الأنشطة الرياضية والقائمين عليها أن يكونوا على دراية تامة بهذه العلاقة وإستخدامها فى صالح الرياضيين.
Leave a comment
You must be logged in to post a comment.