السمنة والنشاط البدنى
تحديد السمنة لدى الإنسان :
يتم تحديد نسبة الشحوم فى الجسم وبالتالى وجود السمنة لدى الإنسان بطرق مختلفة ، على أن معظمها تعتمد على أجهزة غالية الثمن وتتطلب خبرة ودراية فى الإستخدام ، لكن من أسهل الوسائل غير المباشرة لتحديد البدانة لدى الشخص هى معرفة تناسب وزنه مع طوله ، وذلك بحساب ما يسمى بمؤشر كتلة الجسم (BMI) ، الذى يتم حسابه بقسمة الوزن (بالكيلوجرام) على مربع الطول (بالمتر) ، ويكون تناسب الطول والوزن ملائماً لدى الراشدين عندما يبلغ المؤشر من 18.5 إلى أقل من 25 كجم/م2 ، وإذا كان المؤشر أقل من 18.5 كجم/ م2 فذلك يعنى أن الشخص يعد نحيلاً ، أى وزنه دون القدر المطلوب ، أما إذا كان المؤشر يبلغ من 25-29.9 كجم/م2 فيعنى ذلك زيادة فى الوزن ، وإذا بلغ المؤشر 30 كجم/م2 فأكثر فهذا يوحى بوجود بدانة لدى الشخص ، كما يمكن اللجوء إلى مؤشرين آخرين للتعرف على مستوى البدانة التى تعرّض الشخص لمخاطر صحية محتملة ، هذان المؤشران هما محيط وسط الجسم (أقل محيط للبطن بالقرب من الصرة) ، ونسبة محيط البطن إلى محيط الوركين (محيط الوركين هو أكبر محيط للوركين) ، ويعتقد أن محيط البطن الذى يتجاوز لدى الرجال 102 سم ولدى النساء 88 سم يعرّض الشخص للخطورة بالإصابة بالعديد من الأمراض مثل أمراض القلب والشرايين وإرتفاع ضغط الدم وداء السكرى ، أما نسبة محيط البطن إلى الوركين فيعد جيداً إذا لم يتعدى لدى الرجال 0.90 ولم يتجاوز لدى النساء 0.80 ، أما النسبة التى تعرض للمخاطر الصحية فهى 1.0 فأكثر لدى الرجال والنساء على السواء (للحصول على النسبة ، يتم أولاً قياس محيط كل من البطن والوركين ثم نقسم محيط البطن على محيط الوركين).
العوامل الوراثية أم البيئية وحدوث السمنة ؟
تندرج معظم نظريات حدوث السمنة تحت ثلاث ركائز ، هى : التأثير الوراثى ، وإستهلاك الطاقة المرتفع (زيادة إستهلاك الطاقة عن طريق الغذاء) ، وإنخفاض مصروف الطاقة (إنخفاض النشاط البدنى) ، غير أن المساهمة النسبية للعوامل الثلاثة المشار إليها أعلاه ما تزال مثار إختلاف ، والمعروف أن إحتمالات حدوث السمنة لدى الطفل تبلغ 80% إذا كان كلا الأبوين بدينين ، وتنخفض هذه النسبة إلى 40% إذا كان أحد الأبوين بديناً ، أما إحتمالات حدوث السمنة لدى الطفل إذا كان كلا الأبوين غير بدينين فلا تتجاوز 20% ، ويبدو أن الأب البدين له تأثير أكبر على إحتمالات حدوث السمنة لدى أبنائه مقارنة بالأم ، والنتائج أعلاه لا تقطع بدور الوراثة الحصرى على حدوث السمنة لدى الأبناء ، بل تؤكد على تأثير كل من الوراثة ونمط المعيشة داخل الأسرة على إحتمالات حدوث السمنة لدى الأبناء.
وبذلك يمكن القول أن هناك أناس لديهم إستعداد أكبر من غيرهم للإصابة بالسمنة ، وبالتالى فعند توافر البيئة المناسبة لظهور هذا الإستعداد (إما زيادة إستهلاك الطاقة أو إنخفاض النشاط البدنى أو كلاهما) فإن السمنة تبدأ فى الظهور ، ولهذا فعلى الذين لديهم إستعداد للإصابة بالسمنة إتخاذ كافة الإحتياطات الكفيلة بالوقاية منها من خلال الإعتدال فى التغذية والإنتظام فى النشاط البدنى.
دور النشاط البدنى فى خفض الوزن ومكافحة السمنة :
يحظى النشاط البدنى منذ القدم بدور واضح ومهم فى معادلة إتزان الطاقة ، سواء بغرض المحافظة على وزن طبيعى ، أو من أجل فقدان شحوم الجسم ، ويمكن تلخيص أهم أدوار النشاط البدنى فى برامج خفض الوزن فيما يلى :
(1) زيادة إستخدام الدهون فى الجسم كمصدر للطاقة.
(2) التقليل من فقدان الكتلة العضلية.
(3) منع الإنخفاض الحاصل فى معدل العمليات الحيوية داخل الجسم فى الراحة ، من جراء الحمية الغذائية.
(4) يقود النشاط البدنى إلى نتيجة أفضل فى خفض الوزن على المدى الطويل عند تزامنه مع الحمية ، مقارنه بالحمية فقط.
ويعتقد العديد من المختصين أن الدور الحقيقى للنشاط البدنى فى مكافحة السمنة يكمن فى الواقع فى الوقاية منها على المدى الطويل ، حيث تشير نتائج العديد من البحوث إلى أن إنخفاض النشاط البدنى لدى البالغين يعد أحد العوامل الرئيسية المهيأة للإصابة بالسمنة. ويبدو أن الطاقة الكلية المطلوب صرفها خلال الأسبوع من أجل المحافظة على الوزن وعدم زيادته مع التقدم فى العمر تتمثل فى ممارسة نشاطاً بدنياً هوائياً يعادل ساعة من الهرولة فى الأسبوع أو 3-4 ساعات من المشى أسبوعياً ، علماً بأن المقصود بالنشاط الهوائى هو ذلك النشاط البدنى المعتدل الشدة الذى يمكن للفرد من الإستمرار فى ممارسته بشكل متواصل لعدة دقائق ، بدون الشعور بتعب ملحوظ يمنعه من الإستمرار فيه ، وهو نشاط بدنى يتميز بوتيرة مستمرة ، مثل المشى السريع ، الهرولة ، الجرى ، ركوب الدراجة الثابتة أو العادية ، السباحة ، ونط الحبل وما شابه ذلك.
ويؤكد أهمية تكثيف مدة ممارسة النشاط البدنى الأسبوعية ما جاء فى تقرير علمى صادر من الكلية الأمريكية للطب الرياضى بشأن الإستراتيجيات الملائمة لخفض الوزن والوقاية من السمنة ، مفاده أنه ينبغى ممارسة نشاطاً بدنياً معتدل الشدّة يصل فى مدته ما بين 200-300 دقيقة فى الأسبوع بعد فترة من التدرج ، أما نتائج دراسة سترايد (STTRIDE) وهى الدراسة الموسعة التداخلية (Intervention) لتقليل المخاطر الصحية من خلال النشاط البدنى التى أُجريت على 260 شخص ، فقد خلصت إلى أن الحد الأدنى من النشاط البدنى الكفيل بمنع زيادة الوزن هو ممارسة نشاط بدنى مشى (أو هرولة) يعادل قطع ثمانية أميال فى الأسبوع ، وهو ما يساوى تقريباً مسافة 13 كم فى الأسبوع ، أما ممارسة نشاط بدنى يتم خلاله قطع مسافة أكثر من 13 كم فى الأسبوع فيؤدى إلى خفض الوزن.
إن مما يعزز من دور النشاط البدنى فى مكافحة السمنة ما خلصت إليه نتائج دراسة نشرت حديثاً ، قامت بمتابعة مجموعتين من الناس إحداها ممن إزدادت أوزانهم خلال عام ، والأخرى لم تتغير أوزانهم خلال الفترة نفسها ، وأظهرت النتائج أن الأفراد الذين إزدادت أوزانهم يتميزون بإنخفاض الطاقة المصروفة من قبلهم عن طريق النشاط البدنى (أى أنهم لا يتحركون كثيراً) ، وفى دراسة أخرى أجريت على 80 إمرأة فى الخمسينات من العمر تم تحديد العلاقة بين نسبة الشحوم لديهن ومعدل عدد الخطى التى يمشينها فى اليوم ، أشارت نتائجها إلى أن نسبة الشحوم فى الجسم كانت الأدنى (26.4%) لدى النساء اللاتى يمارسن النشاط البدنى بإنتظام ، ثم ترتفع نسبة الشحوم لتصل إلى 35.1% لدى النساء اللاتى يمارسن النشاط بشكل أقل ، أما نسبة الشحوم لدى النساء اللاتى لا يمارسن أى نشاط بدنى على الإطلاق فكانت الأعلى ، حيث بلغت 44.2%.
إرشادات تطبيقية حول النشاط البدنى وخفض الوزن :
فيما يلى بعض الإرشادات العملية حول جوانب متفرقة من برامج خفض الوزن المعتمدة أو المتضمنة على نشاط بدنى ، جاءت صياغتها على هيئة سؤال وجواب إمعاناً فى السهولة والإيجاز وزيادة فى التركيز والوضوح.
س1 : كم نسبة الوزن الذى يتوجب التخلص منه لخفض المخاطر الصحية للسمنة ؟
ج1 : على الرغم من أن الأمر يعتمد إلى حد كبير على معدل السمنة ، إلا أن توصيات منظمة الصحة العالمية وتقرير معهد الصحة الأمريكى تشير إلى أن على الأفراد متوسطى السمنة (أى الذين يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم فى حدود 30-35 كجم/م2) خفض أوزانهم بمقدار يتراوح من 5 – 15% .
س2 : كم الوزن المناسب فقده فى الأسبوع ؟
ج2 : طبقاً لتقرير معهد الصحة الأمريكى فإن فقدان ما يتراوح من نصف كجم إلى كجم واحد فى الأسبوع كفيل بجعل معظم ما يفقد من وزن هو من الشحوم ، مما يحافظ على العضلات ، والمعروف أن العضلات هى الكتلة الفعالة التى تدعم الجسم وتؤدى إلى صرف الطاقة والإبقاء إلى حد كبير على معدل العمليات الحيوية داخل الجسم فى الراحة بدون إنخفاض ملحوظ نتيجة لفقدان الوزن.
س3 : ما هو مقدار الطاقة اللازم لخفض 0.5 – 1 كجم فى الأسبوع ؟
ج3 : إن ذلك يعادل 500 – 1000 كيلو سعر حرارى تقريباً فى اليوم ، ويمكن صرفها عن طريق كل من الحمية والنشاط البدنى ، علماً بأن ممارسة المشى السريع لمدة ساعة كل يوم لرجل وزنه 85 كجم تقود إلى صرف 360 كيلو سعر حرارى يومياً.
س4 : هل يمكن زيادة شدة النشاط البدنى من أجل صرف طاقة أكبر ؟
ج4 : يجب أولاً البدء بالتدريج وإتباع الإرشادات الصحية المرتبطة بممارسة النشاط البدنى ، ثم أننا لا ننصح البدناء بصورة عامة بممارسة النشاط البدنى عند شدة مرتفعة ، لأن فى ذلك إجهاد على أجهزة الجسم وخاصة المفاصل ، كما أنهم لن يتمكنوا من الإستمرار فى ممارسة النشاط البدنى بشدة مرتفعة بسبب الإجهاد الحاصل على الجسم مما يقود إلى تركهم النشاط البدنى مبكراً ، وربما عدم تكرار الممارسة ، لكن يمكنهم ممارسة النشاط البدنى عند شدة تعادل 60% من ضربات القلب القصوى ومن ثم زيادتها بالتدريج لتصل بعد مدة إلى 70 أو 75% من ضربات القلب القصوى ، ويمكن تحديد ضربات القلب القصوى من خلال طرح العمر بالسنوات من الرقم 220 ومن ثم حساب النسبة المطلوبة بناءً على معدل ضربات القلب القصوى.
Leave a comment
You must be logged in to post a comment.