الأندورفين والجهد البدنى
05 Jan

الأندورفين والجهد البدنى

منذ أن تم بالصدفة إكتشاف الأندورفين (Endorphins) فى عام 1975م ، وهو يعد من أهم مسكنات الألم التى تفرز طبيعياً من جسم الإنسان ، والأندورفين هو فى الواقع من مجموعة البيبتيدات المتعددة (Polypeptides) التى تتمثل مهمتها الرئيسية فى توصيل الإشارات العصبية عبر الجهاز العصبى ، ويُفرز فى الدم عن طريق الفص الأمامى للغدة النخامية (Pituitary) فى أوقات الإجهاد (stress) وحالات الإحساس بالألم ، حيث يقوم الأندورفين بالإتحاد بمستقبلات الألم فى الخلايا العصبية ، وبالتالى يخفف الشعور بالألم ، بالطريقة نفسها التى تعمل بها بعض الأدوية المسكنة للألم (المخدرة) كالمورفين والكودين ، إلا أن الأندورفين الذى يفرز طبيعياً من الجسم لا يؤدى إلى الإدمان كما هو الحال مع الأدوية المخدرة المصنعة كيميائياً ، ويؤدى إتحاد الأندورفين بالمستقبلات العصبية (Neurotransmitter) إلى منع إفراز الموصلات العصبية من النهايات العصبية ، مما يحجب عملية توصيل الشعور بالألم إلى الدماغ.

 

 

يفرز الأندورفين إستجابة لكل من الإجهاد (Stress) والألم ، ويتمثل عمل الأندورفين فى تخفيف الشعور بالألم وخفض الإجهاد وتعزيز الجهاز المناعى ، كما أن من تأثيرات إفراز الأندورفين تحسن المزاج لدى الشخص والشعور بالسرور والإنبساط.

 

 

يوجد حالياً أكثر من عشرين نوعاً من الأندورفين قد تم التعرف عليها ، ومن بين الأنواع التى تفرز داخل الجسم كل من ألفا (Alpha) أندورفين ، بيتا (Beta) أندورفين ، جاما (Gamma) أندورفين ، سيجما (Sigma) أندورفين ، على أن بيتا أندورفين يعد أكثرها قوة وفعالية ، وهو يتكون من سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية (ثلاثين حمضاً أمينياً).

 

تأثير الجهد البدنى على تركيز الأندورفين فى الدم :

يفرز الأندورفين إستجابة للجهد البدنى الهوائى المعتدل الشدة الذى يدوم 20 دقيقة فأكثر ، وقد يفرز فى حالة الجهد البدنى الأقل شدة إذا إستمر الجهد لفترة طويلة ، وطبقاً لنتائج بعض الدراسات ، فإن تركيز الأندورفين فى بلازما الدم يزداد إستجابة للجهد البدنى التحملى ليصل إلى 5 أضعاف تركيزه فى الراحة.

 

 

وعلى الرغم من عدداً من البحوث وجد أن هناك حداً أدنى من شدة الجهد البدنى لكى يتم إفراز الأندورفين بشكل كافِ ، إلا أن بعض من الدراسات الأخرى التى فحصت العلاقة بين شدة الجهد البدنى ومدته ومستويات تركيز الأندورفين لدى العدائين الذكور لا تشير إلى أن هناك شدة محددة يزداد عندها معدل إفراز الأندورفين ، كما يرتفع تركيز الأندورفين إستجابة للضغط النفسى الذى يسبق بدء المسابقة الرياضية ، لكن مستوى تركيزه فى بلازما الدم يزداد بشكل أعلى إستجابة للجهد البدنى خاصة العنيف ، ففى دراسة أُجريت على مجموعة من السباحين تم خلالها قياس مستوى تركيز الأندورفين أثناء الراحة (قبل المسابقة بعدة أيام) ومقارنته بتركيزه فى البلازما لدى مجموعة أخرى من غير الرياضيين ، ولم يكن هناك أى فرق فى تركيز الأندورفين فى الراحة بين السباحين وغير الرياضيين ، إلا أن تركيز الأندورفين فى البلازما قبل المسابقة بقليل قد إرتفع من مستوى تركيزه فى الراحة البالغ 36.3 ± 2.9 بيكو جرام/ ملى لتر إلى 51.8 ± 2.3 بيكو جرام/ ملى لتر ، على أن مستوى تركيز الأندورفين بعد مسابقة سباحة 100 متر حرة قد إرتفع كثيراً ليصل إلى 128.6 ± 18.1 بيكو جرام/ ملى لتر.

 

 

ولا يبدو بشكل عام أن هناك فروقاً ملحوظة فى إستجابة الأندورفين للجهد البدنى لدى المرأة مقارنة بالرجل ، كما تشير إلى ذلك نتائج البحوث التى قامت بالمقارنة بين الذكور والإناث فى هذا الشأن ، على الرغم من أن البعض قد سجل مستوى تركيز أقل للأندورفين فى الراحة لدى المرأة الرياضية مقارنة بالرجل الرياضى ، ويعتقد كثير من العلماء أن الأندورفين هو المسئول عن حالة الشعور بالإنبساط التى يحس بها العداءون المنتظمون على رياضة الجرى والمسماة (Runner’s High) ، على الرغم من الإختلافات الكبيرة فى توقيت إفراز الأندورفين بين عداء وآخر ، فبعضهم يفرز جسمه مادة الأندورفين بعد حوالى 10 دقائق من الجرى ، والبعض الآخر قد يستغرق الأمر منه 20-30 دقيقة قبل شعوره بحالة الإنبساط الناجمة من إفراز مادة الأندورفين ، علماً بأن الإحصائيات تشير إلى أن حوالى 70% فقط من العدائيين المتمرسين يشعرون بحالة الإنبساط هذه ومن غير المعروف بالتحديد كيفية حدوث حالة الانبساط هذه ، إلا أن البعض يعزوها إلى إرتفاع تركيز الأندورفين فى بلازما الدم ، على الرغم من أن الأندورفين الموجود فى بلازما الدم لا يتمكن من عبور الحاجز الدموى الدماغى (Blood-brain Barrier) ، لكن بعض الدراسات التى أجريت على الحيوانات تشير إلى أن الأندورفين يُنتج فى داخل الدماغ إستجابة للجهد البدنى.

 

 

أخيراً يعزو بعض المختصين حالة الشعور بالإدمان على ممارسة الرياضة لدى بعض الأشخاص إلى إفراز الأندورفين ، وإن كان لا يوجد دلائل علمية قوية تربط ظاهرة إدمان الإنسان على ممارسة الرياضة بإفراز الأندورفين.

Leave a comment